مشكلة السرقة عند الأطفال
من الطبيعي لأي طفل صغير أن يأخذ الشيء الذي يشد انتباهه... وينبغي ألا يؤخذ هذا السلوك على أنه سرقة حتى يكبر الطفل الصغير، ويصل ما بين الثالثة حتى الخامسة من عمره حتى يفهموا أن أخذ شيء ما مملوك للغير أمر خطأ، وينبغي على الوالدين أن يعلموا أطفالهم حقوق الملكية لأنفسهم وللآخرين .
والآباء في هذه الحالة يجب أن يكونوا قدوة أمام أبنائهم... فإذا أتيت إلى البيت بأدوات مكتبية أو أقلام المكتب أو أي شيء يخص العمل أو استفدت من خطأ الآلة الحاسبة في السوق، فدروسك في الأمانة لأطفالك ستكون من الصعب عليهم أن يدركوها.
ولذلك فإن السرقة عند الأطفال لها دوافع كثيرة ومختلفة ويجب لذلك أن نفهم الدوافع في كل حالة وأن نفهم الغاية التي تحققها السرقة في حياة كل طفل حتى نستطيع أن نجد الحل لتلك المشكلة.
السرقة عند علماء النفس
السرقة استحواذ الطفل على ما ليس له فيه حق، بإرادة منه وأحيانا باستغفال مالك الشيء ، وهو من السلوكيات التي يكتسبها الطفل من بيئته، يكتسبه عن طريق التعلم وتبدأ السرقة كاضطراب سلوكي واضح في الفترة العمرية 4-8 سنوات وقد يتطور ليصبح جنوحا في عمر 10- 15سنة وقد يستمر الحال حتى المراهقة المتأخرة.
أسباب مشكلة السرقة عند الأطفال
1. يسرق لأنه لا يفرق بين الاستعارة والسرقة وأن مفهوم الملكية الخاصة غير واضح عنده
2. البعض يسرق بسبب الحرمان من أشياء تتوفر للآخرين .
3. للانتقام من الوالدين أو لفت انتباههما.
4. يمكن أن يوجد لدى الأطفال نقص ما في بعض الأشياء وبذلك يضطر للسرقة لتعويض ذلك النقص، والبعض من الأطفال تؤثر عليهم البيئة التي يعيشون بها وخاصة إذا كان أحد الوالدين متوفى، أو كان الوالد مدمنا على الكحول أو أن تكون البيئة نفسها فقيرة وهذه عناصر تساعد الطفل على أن يسرق لزيادة شعوره بالنقص في مثل هذه الظروف.
5. بعض الأطفال يقومون بعملية السرقة لإثبات أنهم الأقوى خصوصاً أمام رفقاء السوء، ولعلهم يتنافسون في ذلك، وبعضهم يشعر بمتعة هذا العمل.
6. قد يكون دافع السرقة إخراج كبت يشعر به الطفل بسبب ضغط معين، ولذا يقوم بالسرقة طلباً للحصول على الراحة، وقد يكون سبب الكبت إحباط أو طفل جديد.
7. الرغبة في الانتقام: بسبب صرامة وقسوة الوالدين وسوء المعاملة فتأتي السرقة كردة فعل عدوانية من الطفل ورغبةً في التمرد على السلطة.
8. فقدان الحنان والرعاية: وبالتالي يسعى الطفل للسرقة رغبةً في الإثارةِ وجذب الاهتمام
9. التدليل الزائد: الطفل الذي تعوَّد أن يدرك كل ما يتمناه ثم يُفاجأ بالمنع أو الرفض لطلبٍ من طلباته قد يلجأ إلى السرقة بسبب دوام تعوده على تلبية كل ما يريده.
10. بعض الحالات المرضية التي تحتاج للطب النفسي مثل:
1- الرغبة المرضية في التملك: وهذه تحدث في بعض الأطفال المدللين الأنانيين الذين لا يشبعهم شيء، فبالرغم من سعي الوالدين لتوفير كل شيء لهم إلا أنهم لا يملأ عيونهم شيء، وتمتد أيديهم إلى كل ما تراه عيونهم.
2- هوس السرقة: وهي حالة مرضية يلجأ فيها الطفل لسرقة أشياء ليس لها قيمة حقيقية، وفي نفس الوقت هو ليس في حاجةٍ إليها، وهذه الحالة تأتي في صورة نوبات وكل نوبة تكون مسبوقة بتوتر شديد لا يخف إلا بعد السرقة، وهي نوع من الفعل القهري وقد يشعر الطفل بالندم بعدها
دور الأخصائي النفسي في حل أو علاج مشكلة السرقة عند الأطفال:
1. تعليم القيم: على الأهل أن يعلموا الأطفال القيم والعادات الجيدة، والاهتمام بذلك قدر الإمكان، وتوعيتهم أن الحياة للجميع وليس لفرد معين، وحثهم على المحافظة على ممتلكات الآخرين، حتى في حال عدم وجودهم، نشوء الطفل في جو يتسم بالأخلاق والقيم الحميدة يؤدي إلى تبني الطفل لهذه المعايير.
2. يجب أن يكون هناك مصروف ثابت للطفل ـ يستطيع أن يشتري به ما يشعر أنه يحتاج إليه فعلاً، حتى لو كان هذا المصروف صغيراً، ولو كان مقابل عمل يؤديه في المنزل بعد المدرسة، يجب أن يشعر الطفل بأنه سيحصل على النقود من والديه إذا احتاج لها فعلاً.
3. عدم ترك أشياء يمكن أن تغري الطفل وتشجعه للقيام بالسرقة مثل النقود وغيرها من الوسائل التي تساهم بتسهيل السرقة باعتراضهم.
4. تنمية وبناء علاقات وثيقة بين الأهل والأبناء، علاقات يسودها الحب والتفاهم وحرية التعبير حتى يستطيع الطفل أن يطلب ما يحتاج إليه من والديه دون تردد أو خوف.
5. الإشراف المباشر على الطفل بالإضافة إلى تعليمهم القيم والاهتمام بما يحتاجونه فالأطفال بحاجة إلى إشراف ومراقبة مباشرة حتى لا يقوم الطفل بالسرقة وإن قام بها تتم معرفتها من البداية ومعالجتها، لسهولة المعالجة حينها.
6. ليكن الوالدين ومن يكبرون الطفل سناً هم المثل الأعلى للطفل بمعاملته بأمانة وإخلاص وصدق، مما يعلم الطفل المحافظة على أشيائه وأشياء الآخرين.
دور الأسرة في علاج مشكلة السرقة أو الوقاية من آثارها السلبية على نمو الأطفال:
1. التصرف السريع: عند حدوث سلوك السرقة يجب على الأهل البحث عن الخطأ والأسباب التي دعت إلى ذلك السلوك سواء كان ذلك من داخل البيت أو من خارجه والتصرف بأقصى سرعة.
2. السلوك الصحيح: يجب أن يفعل الأهل ما يرونه في صالح أطفالهم وذلك بمعالجة الأمر بروية وتأني، وذلك بأن يعيد ما سرقه إلى الشخص الذي أخذه منه مع الاعتذار منه ودفع ثمنه إذا كان الطفل قد صرف واستهلك ما سرقه.
3. مواجهة المشكلة: معالجة الأمر ومجابهته بجدية سيؤدي إلى الحل الصحيح وذلك لخطورة الموقف أو السلوك وذلك يتطلب معرفة السبب وراء سلوك الطفل هذا المسلك الغير مناسب ووضعه في مكان الشخص الذي سرقه وسؤاله عن ردة فعله وشعوره إذا تعرض هو لذلك.
4. الفهم: يجب علينا أن نفهم لماذا قام الطفل بذلك وما هي دوافعه وذلك قد يكون مرجعه إلى الحرمان الاقتصادي بسبب نقص مادي يشعر به الطفل أو لمنافسه زملاؤه ممن يملكون النقود، وقد يكون السبب الحرمان العاطفي وذلك لشعور الطفل بالحرمان من الحنان والاهتمام ممن هم حوله، وقد يكون لعدم إدراك الطفل لمفهوم السرقة وما الفرق بينها وبين الاستعارة، وبالتالي الفهم الصحيح للسبب يترتب عليه استنتاج الحل المناسب، فإذا كان الدافع اقتصاديا فيتم تزويد الطفل بما يحتاجه من نقود وإفهامه بأن يطلب ما يحتاجه، أما إن كان الحرمان عاطفياً فيجب إظهار الاهتمام به وبحاجاته وقضاء الوقت الكافي معه وقد يكون لعدم الإدراك وهنا يجب التوضيح للطفل ما تعني السرقة وما الفرق بينها وبين الاستعارة، وشرح القواعد التي تحكم الملكية له بأسلوب بسيط وتجنب العقاب حتى لا يترتب عليه الكذب.
5. عند حدوث السرقة يجب عدم التصرف بعصبية ويجب أن لا تعتبر السرقة فشلا لدى الطفل، ولا يجب أن تعتبر أنها مصيبة حلت بالأسرة، بل يجب اعتبارها حالة خاصة يجب التعامل معها ومعرفة أسبابها، وحلها وإحسان طريقة علاجها، ولكن دون المبالغة في العلاج، وأن لا تكون هناك مبالغة في وصف السرقة، والمهم في هذه الحالة أن نخفف من الشعور السيئ لدى الطفل بحيث نجعله يشعر بأننا متفهمون لوضعه تماماً، وأن لا توجه تهمة السرقة للطفل مباشرة.
6. المراقبة: على الأهل مراقبة سلوكيات أطفالهم كالسرقة والغش، ومراقبة أنفسهم لأنهم النموذج لأبنائهم وعليهم مراقبة سلوكياتهم وألفاظهم وخصوصاً الألفاظ التي يلقبون بها الطفل حين يسرق كما يجب أن يشرح له أهمية التعبير، ومعرفة الأهل أن الأطفال حين يقعون في مشكلة فإنهم بحاجة إلى مساعدة وتفهم الكبار ومناقشتهم بهدوء.
يجب أن لا يصاب الآباء بصدمة نتيجة سرقة ابنهم وأن لا يأخذوا في الدفاع عنه حتى لا يتطور الأمر ويبدأ الطفل بالكذب توافقاً مع دفاع أهله عنه بل الواجب أن يتعاونوا من أجل حل هذه المشكلة.
تعليقات
إرسال تعليق